تعد مدينة حلب متحفا كبيرا للحضارات المتعاقبة منذ القدم وصولا إلى الحضارة العربية الإسلامية، فهي من المدن الفريدة التي تتجمع فيها النقوش الأثرية والمعالم الحضارية التي توضح بشكل متصل تاريخ العمارة والفنون عبر العصور.
- وقد ورد ذكر مدينة حلب في المصادر التاريخية والنقوش الأثرية، فكان أول ذكر لهذه المدينة في نقوش وأسفار ترجع إلى حوالي منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، ثم ازدهرت وامتدت حضارتها حتى شملت رقعة كبيرة من الأرض، واستمرت في العمران عبر الحقب الزمنية المتتالية، ويدل على ذلك رُقم مدينتي (أور و ماري) سابقا، (رُقم مدينة إبلا)، كما ورد ذكر حلب في عهد ريموش الأكادي بن صارغون (2530-2515)ق.م مؤسس أول إمبراطورية ساميّة في الشرق عندما استولى على حلب وأسر ملكها لوكال أوشومكال.
- وبعد أن نعمت حلب بالحرية بعد عهده استولى نارام الأكادي (2507-2452)ق.م عليها وسماها (حلبابا وأرمان) وشهدت حلب عصرها الذهبي وقتذاك في عهد حمورابي البابلي وزمريليم ملك ماري نحو سنة (2000)ق.م، وعندما تجه الحثيون أثناء زحفهم الجارف قاومتهم حلب ولكنهم استولوا عليها عام (1820)ق.م ولكن حلب تحررت عنهم عام (1650)ق.م حيث انضمت إلى الميتانيين. وخضعت مدينة حلب بعد ذلك إلى حكم المصريين حيث فتحها تحوتمس الثالث فرعون مصر (1473)ق.م ثم عادت حلب عاصمة للحثيين (1370)ق.م كما عادت وتحالفت مع الميتانيين. وقد بقيت حلب متأرجحة بين الميتانيين والحثيين وظلت المدينة حثية حتى (1200)ق.م حيث انهارت الدولة الحثية.
- وبعد ظهور الآشوريين خضعت سورية كلها لحكمهم فقد فتحها سلمنصر الثالث (853)ق.م دون مقاومة، وبقيت حلب كذلك حتى فتحها سارودري الثالث ثم ما لبث الملك الآشوري تغلات فلاصر أن استعادها (743)ق.م ثم وقعت حلب تحت حكم البابليين بعد انهيار دولة الآشوريين (612)ق.م، وبعد أقل من قرن فتح الفرس حلب، واهتم الفرس بمدينة حلب فأقاموا المحطات على طول الطرق وحفروا الآبار وأقاموا السدود لتوسيع رقعة الري. وبعد معركة ايسوس الشهيرة (333)ق.م التي قادها الإسكندر المقدوني آل حكم حلب للمقدونيين، وبدأت فترة المقدونيين بالنهب والسلب بعد عملية الاجتياح، ولكن هذه الحقبة لم تدم طويلاً إذ سرعان ما انصرف الإغريق نحو العمران والتنظيم.
- وفي آخر عهد السلوقيين انتشر الفساد وتسرب النفوذ الروماني منذ سنة (64)ق.م. وقد تميزت فترة الحكم الروماني بانتشار المسيحية في سورية حيث بدأ الاهتمام بتشييد الأبنية الدينية المسيحية، وفي عام (540)م هاجم كيخسرو الأول سوريا فأحرق مدينة حلب برمتها وتم الصلح بين أهل حلب وبين هرقل (630)م، فازدهر العمران وقامت المدن المحصنة على تخوم البادية الرومانية.