من تاريخ مصر..فترة الاضمحلال الاولى(الاسر7-8)(10)

مازلنا أسرى كهفنا

مكان جميل…فعلاً
أستطيع أن أرى النيل بمروجه الخضراء من أعلى
ولكن يبقي دوماً
إحساس الفرد بالجمال المحيط
مرهون دوماً بدرجة إحساسه بالحرية
كونه طليقاً
فاختاره بإرادته
أم أجبر عليه
فأصبح سجناً خانقاً
رغم روعة المكان
للإنسان تقلبات عجيبة
وأفكار أغرب
تتابع عيني ست
وهو يلهو
فيتسلق صخور الجبل
وينزلق عند المنحدر
ارتبطت كثيراً بذلك الغلام
رغم كونه طفلاً
طالما حيرني ذلك الأمر
يرى العقل أو القلب
سبباً للانجذاب لشخص بعينه
لتميز شخصيته
لقوة تأثير كلماته
أو حتى لجمال خلقه
أو
أو
أو
ولكن يدهشني حقاً
عندما أرى إنساناً على قدر هائل من الثقافة
من المكانة العقلية
من مميزات دنيوية عدة
ثم أجده يسقط أسيراً
أمام
طفل
ماذا يملك الطفل؟
بمقاييسنا العقلانية
لا شيء
فيزداد العقل حيرة
يبقي شيء واحد
لا يراه العقل في صورة مادية
إنه النقاء
نقاء السريرة
لم تحمل عليه دروب الدنيا
من الآثام والخطايا
ما يلوث نقاءه هذا
ليس بعد
ذلك النقاء
أشبه بضوء الشمس
يخطف دومًا الأبصار
استطاعت عيناي دوماً
أن تلتقط شعاع ذلك النقاء
وإن أحاطت بصاحبه طبقات وطبقات من الأشواك
فتحجب رؤيته عن جميع الناس
إلا أنا

أستطيع أن أميزه
من كلمة
من لفتة
من أدنى فعل
تملكتني دوماً رغبة فعلية
في إزالة تلك الأشواك
ليظهر نور نقائه
فيغشى الجميع
بلا خوف من ألم

أو جرح
كنت دوماً مثابرة في ذلك الأمر
أثناء عملية التطهير
تصيبك الأشواك دوماً
بجراح عدة
تستطيع تحملها
لديك تلك القدرة
إلا أن تأتي الإصابة في العمق
في القلب
هنا يتوقف كل شيء

تتوقف الدنيا بأسرها
أمام ذلك الحدث
يختل توازنك
يستمر لبعض الوقت
وعندما تستقر
تأخذ قرارًا واحداً
الانسحاب
لا بديل له
إن أردت أن تنزع الأشواك
فلتأخذ حذرك
حتى لا تصاب في مقتل
أما الأطفال
فالأمر مختلف
لم تنم بعد الأشواك حول قلوبهم
مازالت تنير دنيانا
فتأثرنا
رغماً عنا
رضينا أم أبينا
نبقى أسرى
ولكن
في هذه المرة
سعداء بأسرنا
(كاي..كاي..اقترب اقترب تعال لنلهو سوياً)
استدرت إلى حيث ينظر ست
فقد أتى كاي مهرولاً
يبدو على قسماته الارتباك
وتكسو هيئته الأتربة
بدا متردداً

وخائفاً
(فيه إيه يا كاي؟مالك؟)
(لا شيء؟لا شيء؟)
(طيب إحنا مش حننزل بقى ونكمل رحلتنا؟)

لا أعتقد أن الوقت مناسب.فالأحوال تحت اختلفت بعض الشيء

إزاي يعني مش فاهمة؟

بنهاية الأسرة السادسة سادت حالة من الانحلال الاجتماعي والسياسي
وانقسمت البلاد وانتشرت الفوضى والصراعات على الملك كما انتشرت الحروب الأهلية بين فئات الشعب

في أي عام نحن يا كاي؟

حوالي 2180 قبل الميلاد

اها؟إنها فترة الاضمحلال الأولى أو العصر الوسيط الأول والذي امتد من 2180 إلى 2060 قبل الميلاد
تولت الأسرة السابعة الحكم وتلتها الأسرة الثامنة ولم يعرف التاريخ كثيراً عن ملوك تلك الأسر وإن رأي البعض أنهم حوالي 70 ملكاً حكموا سبعين سنة على حسب رأي بعض المؤرخين
وقد تتابعت الفتن واختل الأمن وتلاشت السلطة المركزية وأغار بدو الصحراء على الدلتا وعاثوا فيها فساداً.
أنت لا تتخيلين الوضع في الوادي كيف يبدو فقد حطمت الآثار ونهبت القبور.
يجب أن ننزل الآن؟ لنرى ماذا يمكن أن نفعل
قالها ست وقد حملت نبرات صوته الكثير من الجدية
لا تتناسب مع صغر سنه

ننزل فين يا ست؟أنت اتجننت؟لا طبعاً

استنى لما الأوضاع تهدأ ثم نعود

رمقني بنظرة حادة

وفي رأيك سيدتي؟أليس هذا هو الوقت المناسب
عندما تتعرض البلاد لكل ذلك
أيكون الحل أن أهرب
أن أختبئ؟حتى ينصلح الأمر
وكيف سينصلح الحال
ما دمنا بهذه السلبية
وما دام الخوف يسكن قلوبنا
للبلاد حق عظيم علينا
وأعتقد أن الوقت حان لرد الحق لصاحبه
كاي؟سننزل اليوم إن شاء الله
لنرى ماذا يمكن أن نفعل

قالها بحزم

لا أعرف لماذا لم أتمكن من الاعتراض

هل لشدة تصميمه
أم لقناعتي الداخلية بكلامه
لا أعلم
فقط أعلم
أني تبعته