من تاريخ مصر..حفل تتويج مينا موحد القطرين(4)

أيعقل ذلك؟؟؟؟
أن يعرف المصري القديم معنى الدولة،أهمية الوحدة،معنى الحضارة؟
ومتى؟ من 5000 عام
عجيب أنت يا مصري
كيف تخفي كل تلك الطاقة وراء بساطة مظهرك؟
تتابعت أفكاري ..تسابقت ... شغلت مقدمة تلك الصورة البارع في رسمها ذهني
بينما بقيت في الخلفية مشاهد عدة تملك حقاً الإجابة على تساؤلاتي صور عديدة .. على جانبي الطريق ..الطريق إلى حفل التتويج صورة لفلاحين يعملون بجد وإخلاص والأهم من ذلك بوعي
يزرعون الأرض فيصبغ الخضار أرض الوادي
صورة المحاربين الأشداء
صورة الكتبة والفنانين
صورة البنائين يشيدون المعابد والمنازل
وشتان بين عمارة الاثنين
بيوت من طين لبن بسيطة التصميم
ومعابد من الحجر رفيعة الذوق
إنها عقيدة المصري القديم
فهو دائماً إنسان عقائدي عرف مبكراً أن الدنيا هي السبيل إلى حياة الخلد وأن الحياة الآخرة هي الحياة الأبدية
رائع أنت أيها المصري
عمل بجد عقيدة ..وأخطر من كل ذلك ..عشق لذرات ترابك يا مصر
تلك هي مقومات حضارته تلك هي أساس حضارته
على طول الطريق…
انتزعني بعنف صوت ست الطفولي الحاد
(وصلنا وصلنا)

بسم الله الرحمن الرحيم،فزعتني يا شيخ
هاهاهاهاها عذرًا عذرًا
ولكننا وصلنا إلى موقع الحفل
التفت حيث أشار جموع غفيرة من البشر متلاصقون من شدة الزحام متداخلون مع أعمدة المعبد الضخمة محل الاحتفال كأنهم حائط منيع يشغل مجال رؤيتي
(الله يكرمك يا شيخ تقول لي أنا حاشوف إيه كده؟ده ولا ميدان رمسيس في عز الظهر)
(أف)قالها مستنكراً كلامي وأظن تفكيري أيضاً

أين عقلك يا فتاة أين خيالك

(فتاة!!!وفي السن ده)ما علينا وإيه دخل الخيال يا سيدي في كلامنا
ضحك بشدة وأجابني
الخيال هو أساس كلامنا أنسيت أختاه؟
ثم استطرد قائلاً
فلتفردي أجنحتك لتحلقي معي
أفرد إيه يا خويا؟
(دي آخرة اللي يمشي ورا كلام العيال (
قلتها في سري
ثقي بي تستطيعين الطيران إن ملكت أفقاً أوسع
اللهم طولك يا روح أهو يا سيدي
فردت يدي في الهواء ببرود ولوحت بهم كما قال والاستخفاف مازال يشغل ملامحي
لوحت أكثر وأكثر عجباً
أراها أجنحة فعلاً
حركت يدي في الهواء صعوداً وهبوطاً
إني أتحرك لأعلى
أستطيع الطيران حقاً
أي ساحر أنت يا ست
ضحك ثانية ثم قال(لست أنا الساحر بل هي قدرات تلك الروح التي وهبها إيانا الخالق)
هيا بنا الآن

حلقت خلفه عالياً اجتزنا تلك الجموع وامتد المشهد أمامنا أصبحت زوايا الرؤيا أكثر انفتاحاً
حيث البهو الرئيسي للمعبد وحيث يقبع الملك نارمر أو مينا
موحد القطرين
هكذا أصبح لقبه
تحيط به حاشيته من رجال البلاط والوزراء وينتظم المشاهدون جنباً إلى جنب مع أعمدة المعبد الكثيفة والمنحوتة بدقة يشكلون جميعاً الإطار العام للمشهد بينما يتبادل الأدوار الموسيقيون
الفنانون
والمطربون
والفرق الاستعراضية
والشعراء والأدباء
ليقدموا عروضاً راقية احتفالاً بالملك العظيم
(ما هذا الذي يرتديه فوق رأسه يا ست(
إنه تاج الدولة الموحدة ويشمل اللونين الأبيض والأحمر الممثلين لمملكتي الشمال والجنوب
الدولة الموحدة؟
أعادت تلك الجملة أسئلتي إلى مقدمة تفكيري
أخبرت بها ست
فأجابني
أدرك الملك مينا أهمية وحدة البلاد ففي هذه الوحدة زيادة لقوة البلاد وثباتها
وكان الملك مينا ذا شخصية قوية
استطاع في عام 3200 ق.م توحيد الشعب في ظل حكومة مركزية قوية
واتخذ لها عاصمة متوسطة وهي مدينة(من نفر)والتي عرفها العرب باسم (منف)والإغريق باسم (ممفيس)وهي مكان قريب من قرية ميت رهينة بالجيزة
وفي عصر مينا بدأ التأسيس والبناء للدولة الموحدة ،فأصدر القوانين،شيد المعابد،أرسل البعثات العسكرية لمقاومة القبائل الرحل من الصحراء الليبية المناوئة والتي كانت تحاول الاستقرار على وادي النيل
امتد حكم مينا حوالي ستين عاماً
وخلفه عدد من الملوك أتموا أعماله دون أن يكون لهم بصمة خاصة
وقد اهتموا عموماً بالتشريع،والإدارة،وتنظيم العبادة،والشعائر الدينية،وشيدوا المعابد،وبنوا القصور،وساروا على نهج مينا،في مقاومة القبائل المناوئة.
وفي هذا العهد خرجت أولى بعثات التنقيب عن المعادن في سيناء،وفي هذا العهد أيضاً ألفت أول الكتب عن الطب والتشريح

ولم تسلم البلاد من بعض الفتن السياسية ، وبخاصة في عهد الأسرة الثانية،مما اضطر بعض ملوك تلك الأسرة إلى استخدام القوة للقضاء عليها.وكان الملك(خع سخموي)-آخر ملوك تلك الأسرة-هو الذي نجح في إطفاء نار الحرب بين الشمال والجنوب وإعادة وحدة البلاد.

تري هل أجبت على تساؤلاتك؟
أومأت برأسي وحلقنا إلى بقعة أخرى
لمتابعة الحفل المهيب